بسم الله الرحمن الرحيم
عاشوراء كالقرآن
القرآن الكريم لم يكن يوما ً عاملا ً من عوامل التخدير والخمول للأمة بل هو عبارة عن أسس وقواعد تحرك الأمة نحو النشاط والعمل والتغيير كذلك عاشوراء الحسين (عليه السلام) ليست حركة مخدرة تريد أن تجعل الأمة دائما ً تعيش في حالة ٍ من الغفلة والنوم الطويل؟ بل هي حركة كسائر الحركات التي قام بها الأنبياء (عليهم أفضل الصلاة والسلام) من خلال سلسلة أدوارهم، ومن تلك الأدوار هو الدور الموسوي تجاه الإمبراطورية الفرعونية، وإلى هذا المعنى يشير السيد الخميني (قدس سره):
((إن موسى أخذ عصاه التي كان يرعى بها غنمه، وذهب إلى طاغية زمانه، ذلك الحاكم المتكبر، والمستكبر ذهب إلى قصر فرعون، أراد أن يزيل وجود فرعون من حياة البشرية قال تعالى: ((أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا ً كذبتم وفريقا ً تقتلون)).
وبالفعل بعصاه الخشبية وبالبراهين والمعاجز الإلهية قضى على الظلم الاستكبار الفرعوني، ويوجد الكثير من القصص القرآنية التي تبين أن الأنبياء مع كتبهم السماوية، وبالخصوص القرآن الكريم ليس بكتاب مخدر، بل هو كتاب محرك، القرآن الكريم قام بتحريك الأعراب الذين لا يعلمون شيئا ً فحركهم وقضوا على الإمبراطوريات العظمى الظالمة، فلو كان القرآن الكريم وتعاليم الإسلام مخدرة لما كان هناك فاتحين يقضون على الإمبراطوريات.
عندما نأتـي إلى عاشوراء علينا أن نقف وقفة َ التلميذ بين يدي أستاذه وأن نتعلم ونأخذ من مدرسة عاشوراء الدروس والعبر والموعظة وجميع مظاهر الخير وعلى رأسها الحركة التغييرية لصفات الشر الكامنة في النفس البشرية.
من القرآن الكريم المفسر عندما يأتي إلى تفسير وبيان التعاليم والإرشادات الواردة في الآيات النورانية المقدسة تجده يقف وقفة التلميذ في درس أستاذه، وعندما يأتي الكاتب إلى تبيين وتوضيح الخطبات والمشاهد الحسينية في حركة سيد الشهداء (عليه السلام) لا يتصور البعض ويذهب بعيدا ً، هو إن القرآن الكريم والنهضة الحسينية يحتاجان إلى كشف اللثام والنقاب عن وجههما ؟
علينا أن نفهم إن القرآن الكريم ونهضة عاشوراء ليست لهما حجاب وستار أو نقاب؟ بل علينا في حال فهم القرآن والنهضة أن نزيل عن أنفسنا حجاب الغفلة، وحجاب الذنوب عن أنفسنا وقلوبنا وبصائرنا التي تعتبر هي الرواسب والأمراض المعنوية التي تحجب عن الاستفادة من القرآن والنهضة، حتى تتجلى عاشوراء أمام أعيننا ونراها على ما أرادها الله تبارك وندرك الأبعاد التي ثار من أجلها الحسين بن علي (عليها السلام)، عند ذلك نعيش أجواء عاشوراء فتحيا قلوبنا بعد أن كانت ميتة.
إن لعاشوراء أبعاد كثيرة يتذوقها العلماء والعرفاء وأرباب التفكير والتأمل فهي حقا ً بحرٌ من العلم والفكر والعقيدة والأخلاق، فمن بحر عاشوراء نأخذ الطريق إلى الله تعالى. ونعتنق المسلك للوصول إلى مقامات التقوى والكمال والسعادة الحقيقية. ألا
وهي بناء العلاقة بين العبد وربه. فنحن نطلب العلم من الطف وعاشوراء الحسين (عليه السلام) كما نطلبه من الجامعات والمعاهد العلمية.
وإن ما تراه من سعادة في نفسك على الطاعة الإلهية، والحركة نحو التخلي عن الرذائل والموبقات، والتحلي بالأخلاق والملكات الفاضلة والسير الحثيث لتسلق السُـلمْ الارتقائي التكاملي تجاه المحبوب فهي من بركةِ وفيض عاشوراء، لأن لولا عاشوراء الحسين (عليه السلام) لأند رست المعالم الأساسية للشريعة الإلهية وانمحت المعالم الأخلاقية من حياة الأمة.