بسم الله الرحمن الرحيم
أساطير المونديال: بيليه الجوهرة السوداء
كرة القدم - كأس العالم 2010
بيليه اللاعب الأسطورة الذي كتب صفحات خالدة في سجلات كرة القدم العالمية وأصبح أسمه على ألسنة الملايين من عشاق اللعبة الأجمل والأكثر شعبية في العالم.
نيقوسيا - عندما أبصر النور في 23 تشرين الأول/أكتوبر عام 1940 في ولاية ميناس جيراس كان يدعى ادسون ارانتس دو ناسيمنتو، لكن هذا الاسم سرعان ما تغير وأصبح بيليه اللاعب الاسطورة الذي كتب صفحات خالدة في سجلات كرة القدم العالمية واصبح اسمه على ألسنة الملايين من عشاق هذه اللعبة.
ثورة لا مثيل لها في عالم الكرة
لم تعد اللعبة الأكثر شعبية في العالم هي نفسها بعد الثورة التي أحدثها أبن السابعة عشرة ربيعا خلال كأس العالم في السويد عام 1958، فقد خطف اللاعب الشاب الباب المشاهدين بادائه الساحر، لأنه جمع مواهب كروية خارقة لم يماثله فيها أحد من اللاعبين الذين سبقوه او لحقوه.
وكانت لياقة بيليه البدنية عالية ومراوغاته ممتازة وتمريراته متقنة وسرعته فائقة وتفكيره سريعا. كان يقوم بأشياء خارجة عن المألوف فكانت موضع اعجاب النقاد والرأي العام على السواء.
وكتب الكثير عن بيليه اللاعب وأطلق عليه الكثير من القاب مثل "الجوهرة السوداء" و"سيد الكرة" و"رياضي القرن"، لكن ما قيل فيه لا يفيه حقه.
أما بيليه الإنسان فكتب القليل عنه، وهو الرياضي الوحيد تقريبا الذي رفض أن يروج لاعلانات التبغ أو الكحول، لأنه حسب قوله يريد أن يكون قدوة لجميع الرياضيين ومثالا يحتذي به الاطفال، فالمال لم يكن يوما هدف بيليه بالذات، وإن كانت الشركات تتهافت عليه للتعاقد معه، لكن غايته أن يكون سفيرا لكرة القدم التي اعطته الشهرة والمجد فاعطاها اللمسة السحرية المميزة، وعين سفيرا لمنظمة اليونسيكو ليساهم في نشر الثقافة والتعليم في العالم.
بيليه المتواضع
ويمتاز بيليه بتواضعه الجم على الرغم من الهالة العظيمة التي احاطت به، فهو يحب الجميع صغارا وكبارا لا يرفض طلبا للتوقيع لأحد المعجبين أو أخذ صور تذكارية معهم، وكان همه أن يسعد عشاق اللعبة الذين اتوا لمشاهدة فنه الرفيع وادائه الساحر.
ومارس بيليه كرة القدم ككل برازيلي مع أقرانه في الشوارع والازقة، وكانت الكرة عبارة عن لفافات ورق مستديرة تتيح لهم ممارسة رياضتهم المفضلة والسبب بالطبع يعود الى الفقر المدقع الذي كان يعيشه بيليه عندما كان ماسحا للاحذية في إحدى ضواحي مدينته لكسب قوته.
وحصل بيليه على أول حذاء له في الحادية عشرة وانضم بعدها الى نادي اتلتيكو في ساو باولو واخذ يصقل موهبته. وخلال احدى المباريات لفت انظار احد مدربي سانتوس اللاعب الشهير فالديمار دي بريتو فضمه الى النادي العريق الذي استمر معه 17 عاما وصل خلالها الى القمة.
لكن طموح بيليه تخطى حدود النادي عندما اختاره مدرب المنتخب انذاك فيتشنتي ميولا للدفاع عن ألوان بلاده وكانت أول مباراة دولية له ضد منتخب الأرجنتين الغريم اللدود للمنتخب البرازيلي ومنافسه على زعامة الكرة الاميركية الجنوبية.
الرحلة مع منتخب السامبا
ومع اقتراب كأس العالم 1958، ضمن بيليه مركزا له ضمن المنتخب المشارك في النهائيات.
وشهدت الدورة تحولا كبيرا في مسار حياته، إذ بات أصغر لاعب في العالم يقود منتخب بلاده إلى احراز اللقب للمرة الاولى.
ولم يلعب بيليه في المباراتين الاوليين للبرازيل ضد إنكلترا والنمسا، لكنه شارك في الثالثة ضد الاتحاد السوفياتي التي انتهت بفوز البرازيل 2-صفر، ثم خاض أول مباراة اساسيا ضد ويلز في ربع النهائي وسجل هدف المباراة الوحيد ليطير بمنتخب بلاده إلى نصف النهائي حيث تألق وهز شباك فرنسا 3 مرات لتتأهل البرازيل الى المباراة النهائية.
وفي النهائي،اخرج بيليه كل ما في جعبته من فنون اللعبة وسجل هدفين ضد السويد (5-2) في منتهى الروعة لتظفر البرازيل بالكأس.
وفي عام 1962، دافعت البرازيل عن لقبها بنجاح في تشيلي، لكن بيليه لم يلعب سوى مباراة واحدة إثر إصابة بالغة تعرض لها في المباراة ضد السويد بسبب خشونة المدافعين.
وشارك بيليه في كأس العالم عام 1966 التي اقيمت في إنكلترا، ولعب المباراة الاولى ضد بلغاريا وسجل هدفا لكنه اصيب بسبب الخشونة المتعمدة من اللاعبين البلغار خصوصا المدافع ييتشيف، وتخلف عن المباراة الثانية التي خسرتها البرازيل امام المجر 1-3، ولعب الثالثة ضد البرتغال ونال نصيبه من الركل والرفس فاصيب مرة ثانية ونقل على حمالة وخرجت معه البرازيل من البطولة بخسارتها الثانية 1-3.
وسيبقى التاسع عشر من تشرين الاول/اكتوبر 1969، يوما مشهودا في حياة بيليه، لأنه سجل هدفه الألف في تاريخه على ملعب ماراكانا الشهير وامام 120 الف متفرج في مرمى فاسكو دا غاما من ركلة جزاء.
وفي العام 1970، أعلن بيليه رغبته في عدم تمثيل بلاده في نهائيات كأس العالم في المكسيك بسبب الخشونة التي تستهدفه وعدم حماية الحكام للاعبين البارزين من الضرب المتعمد، لكن لم تكن لديه الحيلة للافلات أمام إلحاح الجمهور البرازيلي حتى أن رئيس الجمهورية آنذاك تدخل شخصيا ليعود بيليه عن قراره فرضخ.
ولم يندم بيليه، وقدم أجمل عروضه في أجمل مونديال في التاريخ، حيث أحرزت البرازيل اللقب للمرة الثالثة واحتفظت بكأس جول ريميه إلى الأبد.
وأعتبر المنتخب البرازيلي عام 1970 أبرز المنتخبات العالمية على مر العصور وضم آنذاك ريفيلينو وجيرزينيو وتوستاو وكارلوس البرتو.
وكان لا بد لبيليه أن يعتزل دوليا وهو في أوج عطائه، فاقيمت له مباراة اعتزال على ملعب ماراكانا أمام 170 ألف متفرج جاؤوا ليشاهدوا سيد الكرة للمرة الاخيرة ضد يوغوسلافيا.
وفي نهاية المباراة وضع تاج من الذهب الخالص على رأس بيليه طاف به ارجاء الملعب حاملا في يده قميصه الرقم 10 وهو يمسح الدموع من عينيه.
وأنتقل بيليه بعد ذلك إلى الولايات المتحدة ساعيا لنشر اللعبة في بلد لا يعطي كرة القدم أي أهمية، فلعب في صفوف نيويورك كوزموس ضمن الدوري الاميركي الشمالي للمحترفين، كما سعى إلى ترويج اللعبة في ميدان التجارة بتعاقده مع شركتي بيبسي كولا وظهر في أفلام عدة أبرزهما "الهروب إلى النصر" الذي جمعه مع الانكليزي الراحل بوبي مور والارجنتيني اوزفالدو ارديليس.
بيليه في سطور
- ولد في 23 تشرين الاول/اكتوبر 1940 في تريس كوراكوس (البرازيل)
- الجنسية :برازيلي.
- الوزن: 74 كلغ الطول 1.70 م.
- شغل مركز مهاجم عندما كان لاعبا.
- دافع عن ألوان سانتوس (1956-1974) كوزموس الاميركي (1975-1977).
- قاد منتخب بلاده إلى الفوز ثلاث مرات بكاس العالم أعوام 1958 و1962 و1970 ولم يتمكن من المشاركة بمونديال 1962 بداعي الإصابة.
- قاد فريقه سانتوس إلى الفوز مرتين بالكاس القارية (انتركونتينونتال) عامي 1962 و1963.
- قاد سانتوس إلى الفوز بكأس ليبرتادوريس عامي 1961 و1962 وبكأس البرازيل عام 1968.
- قاد سانتوس إلى الفوز ببطولة ساو باولو 8 مرات في الاعوام 1958 و1960 و1961 و1962 و1964 و1967 و1968 و1974.
- أحرز 11 مرة لقب أفضل هداف في بطولة ساو باولو بين عامي 1957 و1966 ثم في عام 1974.
- قاد كوزموس الأميركي إلى الفوز ببطولة الولايات المتحدة عام 1977.
- خاض 92 مباراة دولية وسجل خلالها 77 هدفا.
- خاض 1362 مباراة خلال مسيرته كلاعب وسجل خلالها 1282 هدفا.
أساطير المونديال: بيكنباور قيصر ألمانيا
كرة القدم - كأس العالم 2010
مدافع المنتخب الألماني السابق يعتبر من أكثر من حصد ألقاب في الكرة الألمانية، ويعد ثاني لاعب ينال لقب كأس العالم كلاعب ومدرب في حياته الإحترافية.
نيقوسيا - منذ مباراته الأولى الرسمية مع بايرن ميونيخ عام 1963 إلى مباراته الوداعية في صفوف هامبورغ عام 1982، لم يترك القيصر الألماني فرانتس بكبناور لقبا إلا وأحرزه، أكان محليا أو قاريا أو عالميا.
ولم يكتف بكنباور بهذا القدر بل شارك في مباريات تاريخية لا تنسى أبرزها تلك التي جمعت منتخب بلاده وايطاليا في نصف نهائي مونديال المكسيك عام 1970 وانتهت بفوز الأخير 4-3 بعد تمديد الوقت في مباراة وصفت بأنها الأجمل في تاريخ كأس العالم.
بكنباور الأول بين أفضل اللاعبين
ويأتي بكنباور في المركز الأولى من تصنيف أفضل اللاعبين قياسا على سجله الناصع وموهبته وثبات مستواه والجاذبية التي يتمتع بها.
وخلافا لمعظم اللاعبين الألمان الذين كانوا يعتمدون على اللياقة البدنية العالية، كان بكنباور يتمتع بلمسة سحرية مرهفة، ولم يكن أتم العشرين حين استدعي للمرة الأولى إلى صفوف المنتخب حيث أبلى بلاء حسنا، فتم اختياره ضمن التشكيلة الرسمية المشاركة في كأس العالم في انكلترا عام 1966.
وفي المونديال، لفت بكنباور الأنظار بأدائه الرفيع وذكائه في الملعب ومساندته خط الهجوم علما بأنه لعب في وسط الملعب قبل أن يتراجع بعد ذلك ليشغل مركز الليبيرو (الظهير القشاش) حيث فرض نفسه أفضل لاعب يشغل هذا المركز في التاريخ.
ويؤكد بكنباور أن لعبة كرة القدم تحتاج إلى ذكاء وليس إلى القوة ويصر على استخدام "العقل وليس الساق فقط" في هذه اللعبة.
بكنباور مواليد الحرب العالمية الثانية
ولد فرانتس بكنباور في الأول من أيلول/سبتمبر 1945 في ميونيخ، بعد أربعة اشهر فقط على هزيمة بلاده في الحرب العالمية الثانية، فلم تكن إطلالته على الحياة سهلة.
وكان والده، ويدعى فرانتس أيضا، عامل بريد، أما أمه أنطوني فكانت ربة منزل، ويؤكد بكنباور أن طفولته كانت سعيدة خلافا لما يظن البعض.
ومنذ نعومة أظافره، اظهر بكنباور ميلا إلى الكرة المستديرة، لكن والدته كانت تحثه على إكمال دراسته والحصول على شهادة في التأمين.
وبدأت مسيرة بكنباور عند أشبال فريق تي إس في ميونيخ، وكان مرشحا للانتقال إلى صفوف الفريق الأول في المستقبل المنظور. لكن خلال إحدى مباريات الأشبال بين فريقه وجاره بايرن ميونيخ، لفت أنظار احد كشافي الأخير فضمه إلى صفوف النادي البافاري موسم 58-59 حيث مكث 20 عاما وقاده إلى الكثير من البطولات.
قيادة منتخب بلاده إلى مونديال انكلترا
وخاض أول مباراة رسمية له في بطولة الدوري الألماني "البوندسليغا" عام 1964، ثم لعب أول مباراة دولية له ضد السويد وكانت حاسمة لتحديد هوية المنتخب المتأهل إلى مونديال انكلترا، ونجح المنتخب الألماني في حجز بطاقته.
ولم يتمكن كثيرون من تحديد مركز بكنباور في الملعب في الوسط أو الدفاع، لكن قائد الاوركسترا غالبا ما راقب اخطر مهاجمي المنتخب المنافس أمثال الانكليزي بوبي تشارلتون أو سجل أهدافا حاسمة كما كانت الحال في مرمى الاتحاد السوفياتي (2-1) في نصف نهائي مونديال 1966 بتسديدة قوية من 20 مترا فشل في التصدي لها الحارس الشهير ليف ياشين.
ومنذ ذلك الحين، دخل بكبناور عالم الشهرة وفي العام التالي قاد بايرن ميونيخ إلى إحراز بطولة ألمانيا، وفي مونديال 1970 في المكسيك، كان نفوذه واضحا في المنتخب حتى انه فرض على المدرب آنذاك هلموت شون صاحب الشخصية القوية استبعاد بعض اللاعبين كان أبرزهم مهاجم هامبورغ هلموت هالر.
وتألق بكنباور في النهائيات وثأر لخسارة منتخب بلاده في نهائي البطولة السابقة وتغلب على انكلترا 3-2 في ربع النهائي وسجل الهدف الأول، والتقت ألمانيا في نصف النهائي مع ايطاليا في مباراة مشهودة، وبعد أن انتهى الوقت الأصلي بالتعادل 1-1، أصيب بكنباور في كتفه لكن ذلك لم يمنعه من إكمال المباراة بعد وضع ضماد طبي، لكن منتخب بلاده سقط 3-4 بعد إثارة كبيرة في الشوطين الإضافيين اللذين شهدا تسجيل 5 أهداف.
ألمانيا 74 فرصة إثبات جدارة
ولم يدع بكنباور فرصة استضافة بلاده مونديال 1974 تمر من دون أن يدون اسمه بأحرف من ذهب في سجلات كأس العالم.
وعلى الرغم من البداية العادية التي حققها المنتخب الألماني الغربي خصوصا خسارته المباراة الشهيرة أمام جاره الألماني الشرقي صفر-1 (المرة الوحيدة التي التقى فيها المنتخبان)، فان أداءه تحسن في الدور الثاني قبل بلوغ المباراة النهائية ضد هولندا التي رشحها الجميع لإحراز اللقب بقيادة الهولندي الطائر يوهان كرويف.
وكم كانت دهشة الجمهور الألماني كبيرة في الملعب الاولمبي في ميونيخ عندما افتتح الهولنديون التسجيل في الدقيقة الأولى من ركلة جزاء احتسبها الحكم الانكليزي تايلور، لكن بكنباور شد من أزر زملائه وما لبث منتخب بلاده أن أدرك التعادل من ركلة مماثلة في الدقيقة 20، قبل أن يمنحها "المدفعجي" غيرد مولر هدف الفوز قبل نهاية الشوط الأول بدقيقتين.
مجد بكنباور في حصد كأس العالم
وشكل الفوز بكأس العالم قمة المجد بالنسبة إلى بكنباور ليضمها إلى كأس الأمم الأوروبية التي أحرزها قبل سنتين في بروكسل أيضا.
ونجح بكنباور في تلك الحقبة أيضا في إحراز كأس أبطال الأندية الأوروبية مع بايرن ميونيخ ثلاثة أعوام متتالية: 1974 عندما هزم أتلتيكو مدريد الاسباني 4-1 في مباراة معادة (الأولى انتهت بالتعادل 1-1)، و1975 حين تغلب على ليدز الانكليزي 2-صفر، و1976 حيث فاز على سانت إتيان الفرنسي 1-صفر.
وخاض بكنباور 103 مباريات دولية كان آخرها أمام فرنسا في 23 شباط/فبراير 1977 على ملعب بارك دي برانس في باريس والتي خسرتها ألمانيا صفر-1.
رحلة احتراف إلى الولايات المتحدة
وبعد أن اعتزل دوليا انتقل إلى الولايات المتحدة حيث كانت كرة القدم تتلمس خطواتها الأولى وانضم إلى نيويورك كوزموس ولعب إلى جانب الأسطورة البرازيلي بيليه وأمضى هناك ثلاث سنوات عاد بعدها إلى صفوف هامبورغ الغريم التقليدي لبايرن في تلك الحقبة فقاده إلى إحراز الكأس المحلية والى نهائي كأس الاتحاد الأوروبي التي خسرها أمام غوتبورغ السويدي.
ودخل بكنباور تجربة التدريب بعد اعتزاله مباشرة حيث استلم المنتخب الألماني عام 1985 بعد الفشل في بلوغ الدور الثاني من كأس الأمم الأوروبية عام 1984 خلفا ليوب درفال.
وعلى الرغم من تقدم لاعبي المنتخب في السن والخلافات الداخلية بين أفراده، نجح بكنباور في قيادة المنتخب إلى نهائي مونديال المكسيك وخسر أمام الأرجنتين 2-3.
ثاني لاعب يحرز كأس العالم كلاعب ومدرب
لكن ذلك لم يثنه عن المحاولة مرة ثانية وكانت ناجحة هذه المرة وأسفرت عن إحراز المنتخب كأس العالم عام 1990 في ايطاليا للمرة الثالثة في تاريخه بعد 1954 و74، ليصبح ثاني شخص في التاريخ يحرز اللقب العالمي لاعبا ومدربا بعد أن سبقه إلى ذلك البرازيلي ماريو زاغالو (عام 58 كلاعب، وعام 70 كمدرب).
ولم يكن غريبا أن يتم اختيار بكنباور رياضي القرن في ألمانيا فهو قيصر بكل معنى الكلمة.
أساطير المونديال: دي ستيفانو نجم لم يسطع كثيراً
كرة القدم - كأس العالم 2010
الأرجنتيني الإسباني يكتب اسمه بحروف من ذهب في سجل أبطال الساحرة المستديرة رغم المشاركة الخجولة في العرس العالمي.
لم يتمكن الفريدو دي ستيفانو من الثبات في الدفاع عن ألوان دولة واحدة بعد أن لعب للأرجنتين وإسبانيا على الصعيد الدولي، لكنه كان شديد الوفاء لناد واحد هو ريال مدريد الإسباني.
فدي ستيفانو المولود في الأرجنتين لعب لوطنه الأم سبع مباريات دولية قبل أن ينتقل إلى كولومبيا ومنها إلى إسبانيا ليسطر مع ريال مدريد إنجازات تاريخية خصوصا في كأس أبطال الأندية الأوروبية حيث قاده إلى الفوز باللقب في السنوات الخمس الأولى.
ويوصف دي ستيفانو باللاعب الكامل ولو قدر له المشاركة في إحدى كؤوس العالم مشاركة فعالة لنافس أسطورة كرة القدم البرازيلي بيليه على لقب أفضل لاعب في العالم من دون شك، لكنه يبقى أحد أفضل اللاعبين الذين أنجبتهم الملاعب.
وقد رفضت الأرجنتين المشاركة في كأس العالم عامي 1950 و1954، ولم تتأهل إسبانيا إلى المونديال عام 1958، ولما نجحت في ذلك في كأس العالم التالية في تشيلي عام 1962 كانت دي ستيفانو ضمن التشكيلة الأساسية لكنه لعب مباراة واحدة.
ولد دي ستيفانو في 4 تموز/ يوليو عام 1926 في بوينس ايرس ملتقى المهاجرين من القارة الأوروبية، وقد حط والد دي ستيفانو الإيطالي الأصل والمولود في كابري ويدعى مثله الفريدو الرحال في مرفأ بوينس ايرس عندما كان يافعا حيث تعرف على فتاة إيطالية أيضا تزوجها عام 1920.
ومارس الفريدو الوالد كرة القدم أيضا ولعب في صفوف ريفر بلايت أحد أكبر أربع أندية في الأرجنتين، لكن زوجته لم تكن متحمسة أبدا لهذه اللعبة لذا فإنها حرمت ابنها من ممارسة هوايته كباقي أترابه وطلبت من الزوج أن يحثه على العمل في احد المزارع التي يملكونها عندما بلغ السادسة عشرة. لكن الفريدو الصغير كان يلعب كرة القدم بالخفاء، ونجح في دخول احد المعسكرات التدريبية في نادي ريفر بلايت بالذات في آذار/مارس 1944. فنجح في حجز مكانه له في الفريق الرابع للنادي.
دي ستيفانو يخطف الأنظار
ولفت دي ستيفانو الأنظار بسرعة وبعد ستة اشهر خاض أول مباراة له مع الفريق الأول في الثامنة عشرة من عمره ضد سان لورنزو.
ولم تسر الأمور كما يشتهي دي ستيفانو، فأعيد إلى الفريق الرابع، لكنه أعرب مرارا وتكرارا عن انزعاجه من عدم منحه الفرصة الكاملة لإثبات جدارته، وزاد الطين بلة معرفته بأن اللاعبين الآخرين في الفريق يتقاضون أجرا شهريا في حين لم ينل هو أي فلس لأنه والده كان ميسورا.
إزاء هذا الوضع اتصل دي ستيفان بنادي هاريكان فلم يتردد مسؤولو النادي بضمه حيث خاض موسما كاملا خاض فيه 25 مباراة وسجل 14 هدفا عام 1946.
وأيقن مسؤولو ريفر بلايت خطأهم بالتخلي عنه وأعادوه إلى صفوف الفريق وبات أساسيا في خط الهجوم، وفي أول موسم معه قاده إلى إحراز بطولة الأرجنتين وتوج هدافا للدوري قبل أن يتوج بطلا لكأس الأمم الأميركية الجنوبية مع منتخب بلاده.
وتوقف بزوغ نجم دي ستيفانو بسبب إضراب اللاعبين الأرجنتينيين الذي استمر أشهرا من صيف 1948 إلى نيسان/ابريل 1949، وكان اللاعبون يطالبون بقانون يحدد واجباتهم وحقوقهم.
وبعد التوصل إلى اتفاق قام ريفر بلايت بجولة أوروبية ولدى العودة إلى الأرجنتين عاد الخلاف بين اللاعبين من جهة ومسؤولي الاتحاد الأرجنتيني وأصحاب الأندية من جهة أخرى الذين رفضوا احترام القانون الجديد، وعندما تقدم دي ستيفانو من رئيس النادي ليبرتي ليحصل على حقوقه رد عليه الأخير: "إذا لا يعجبك الأمر في ريفر بلايت أستطيع أن أبيعك إلى تورينو".
ولأن دي ستيفانو يتمتع بكبرياء عال ولا يتحمل الملاحظات، فإنه لم يتردد في ترك الأرجنتين وتوجه إلى كولومبيا في 9 آب/ أغسطس 1949 برفقة زميله الدائم نستور روسي وانضما إلى نادي ميلوناريوس.
معركة إسبانية على اللاعب
وبعد أن رفع الحظر على الأندية الكولومبية عام 1951 توجه ميلوناريوس إلى إسبانيا ليخوض دورة دولية ينظمها ريال مدريد، وقدم دي ستيفانو عروضا رائعة في الدورة ولفت أنظار رئيس نادي ريال مدريد سانتياغو برنابيو (يحمل ملعب ريال مدريد اسمه) فبدأ الأخير محاولات لضمه نجحت بعد حوالي سنة تماما لكن بعد صعوبة بالغة.
فدي ستيفانو كان لا يزال قانونيا ملكا لريفر بلايت، لكنه فعليا يلعب في صفوف ميلوناريوس، وما زاد من صعوبة المهمة أن برشلونة منافس ريال مدريد اللدود كان يملك الأفضلية لدى الناديين في حال أراد الاستغناء عن أحد اللاعبين، ودخل الناديان الإسبانيان في حرب ضروس لضم اللاعب ووصل الأمر إلى الاتحاد الإسباني الذي بت بالأمر بحيث يلعب دي ستيفانو موسما مع ريال مدريد وآخر مع برشلونة.
لكن برنابيو نجح في إقناع رئيس برشلونة مارتي بالتخلي نهائيا عن اللاعب عندما أرسل بعض جواسيسه الذين أقنعوا الأخير بأن دي ستيفانو لن يتفاهم بسهولة مع نجم برشلونة المجري لاديسلاو كوبالا.
دي ستيفانو يذيق برشلونة المر
وهكذا كان فقد انضم دي ستيفانو رسميا إلى ريال مدريد صيف 1953 وخاض أول مباراة رسمية له ضد نانسي الفرنسي في 3 أيلول/سبتمبر، وفي الأول من تشرين الثاني/نوفمبر من العام ذاته ضرب دي ستيفانو أول ضربة عندما قاد ريال مدريد إلى فوز ساحق على برشلونة 5- صفر وسجل هدفين ومرر ثلاث كرات جاءت منها الأهداف الثلاثة الأخرى، وفي الموسم ذاته أحرز ريال مدريد بطولة إسبانيا للمرة الأولى منذ 1933.
وبدأت علاقة دي ستيفانو بريال مدريد التي استمرت 11 عاما وشهدت سيطرة مطلقة للنادي الإسباني العريق محليا وأوروبيا. ولعب دي ستيفانو 541 مباراة في صفوف ريال مدريد وسجل 441 هدفا وأحرز معه بطولة إسبانيا 8 مرات وبطولة أوروبا خمس مرات متتالية خاض فيها الفريق 37 مباراة فاز في 27 منها وتعادل في أربع وخسر ست وسجل 112 هدفا ودخل مرماه 44، كما اختير أفضل لاعب في الدوري خمس مرات.
ولا يزال دي ستيفانو يملك حتى الآن جميع الأرقام القياسية المحلية (218 هدفا في الدوري الاسباني) وأوروبية (49 هدفا في 48 مباراة سجلها في المسابقات الأوروبية معظمها في كأس أبطال الأندية).
ولم يكن دي ستيفانو يتمتع بفنيات عالية بل بلياقة بدنية عالية مكنته من أن يكون شعلة نشاط في الملعب، وقد نال الكرة الذهبية لأفضل لاعب في أوروبا بحسب مجلة فرانس فوتبول الفرنسية المتخصصة في كرة القدم عامي 1957 و1959، كما أنه نال الكرة الذهبية السوبر في الاستفتاء الذي أجرته المجلة ذاتها بين جميع حاملي هذه الجائزة وبينهم الألماني فرانس بكنباور والهولندي يوهان كرويف والانكليزي بوبي تشارلتون وغيرهم.
وقد اعتزل دي ستيفانو في 8 حزيران/ يونيو 1967 في مباراة ضد سلتيك الاسكتلندي حيث خرج بعد ربع ساعة من بداية المباراة ولوح له 130 ألف متفرج بمناديلهم البيضاء وذرف الملايين الكثير من الدموع.
أساطير المونديال: غارينشا "بيكاسو البرازيل"
كرة القدم - كأس العالم 2010
ظهير أيمن المنتخب البرازيلي السابق سطع نجمه في مونديال 1958 وساهم بإهداء منتخب بلاده كأس العالم مرتين على التوالي.
نيقوسيا - رغم التشوهات الخلقية التي ولد بها، والتي تعيق الإنسان حتى على المشي، إلا انه تحدى الإعاقة بمراوغة جعلت منه اشهر جناح ايمن في تاريخ كرة القدم، وابرع مراوغ عرفته الميادين الخضراء حتى الآن، فلقب بعصفور الجنة، وقيل عنه "انه بالنسبة لكرة القدم، كبيكاسو للفن"، انه البرازيلي مانويل فرانشيسكو دوس سانتوس الملقب بغارينشا.
ولد في 28 تشرين الأول/اكتوبر 1933، في احد أحياء ريو دي جانيرو الفقيرة، هو سابع إخوته الاثنين والعشرين، من أب مدمن على الكحول.
غارينشا يعاني من اعوجاج في ركبتيه
كان غارينشا الطفل الفقير ذو الجسم النحيف المشوه من اعوجاج في الركبتين نحو الخارج، واعوجاج أيضا في العمود الفقري، وحتى الحوض كان مائلا بوضوح نحو الشمال.
وإزاء هذا الوضع كان أهل الطفل مانويل يدعون الله ليل نهار، حتى يتمكن ابنهم من الوقوف على قدميه وتطلب الأمر تدخل الجراحين، حتى يتمكن على الأقل من المشي ولو بطريقة غير سليمة.
الطفل مانويل يخلق المعجرة
لكن الطفل مانويل خلق المعجزة، وبعد أن كان أهله يحلمون برؤيته يمشي على قدميه، ها هو يداعب الكرة ببراعة الكبار.
فبرغم ما إصابته من تشوهات حرمته حتى من الجري بطريقة عادية، إلا انه بهذا الجسم المليء بالعيوب صنع لنفسه مجدا، وتمكن من التغلب على الإعاقة بمراوغة واحدة، يعيدها في كل مرة عجز كل مدافعو العالم في مواجهتها، واستسلموا لها جميعا.
كان يدربه احد الأصدقاء، وفي احد أيام عام 1953، وهو في السادسة عشرة من عمره، وفي مباراة تدريبية لفريق بوتافوغو العريق، كان هناك نقص في عدد اللاعبين، فاقترح مدربه أن يشارك في المباراة التدريبية لسد الفراغ.
استغلال الفرصة وإثبات النفس
إلا أن النجم الصاعد لم يصدق أن الفرصة أتيحت له، وعوض أن يسد الفراغ ويكمل عدد اللاعبين، راح في جهته اليمنى المفضلة يبدع، وكان أول ضحاياه، المدافع المشهور آنذاك الدولي نيلتون سانتوس، الذي كان أفضل ظهير أيسر في البرازيل، إلا أن الشاب اليانع المشوه تمكن من قهر سانتوس، على مرتين بمرواغتين لم يفهم فيهما سانتوس شيئا، فاستسلم تماما أمام عبقرية منافسه.
وتوجه سانتوس بعد أن واجه هذا الفنان وعرف إمكانياته الفنية، مباشرة إلى إدارة ناديه، وصاح قائلا "لا يجب إهدار هذه الفرصة، علينا ضم هذا اللاعب حالا إلى الفريق"، وهو ما حصل بالفعل، وبقي غارينشا لمدة 13 عاما في صفوف هذا الفريق العريق.
مراوغة واحدة تقوده لمسيرة رائعة
ومنذ هذا التاريخ بدا غارينشا مسيرة رائعة، صار فيها اللاعب المراوغ الذي لا يمكن توقيفه، والغريب انه يعتمد دائما على مراوغة واحدة، حيث يرواغ على مرحلتين، الأولى بدون كرة، يقوم فيها بتمويه جسدي، وقدمه اليمنى، التي يموه بها، ثم يقفز على اليسرى، كي يعطي الانطباع انه يريد الانطلاق، وعند ارتباك المدافع الذي لا يمكنه فهم نية غارينشا، ينفلت الأخير بسهولة على الجناح، معتمدا على سرعة انطلاقه، قبل أن يمرر كرات العرضية باتجاه زملائه.
لكن وبرغم ذلك نجح دائما في مراوغته هذه واغلب الأحيان كان المدافعون يسقطون أرضا، مستسلمين لفنيات هذا العبقري.
تمثيل الـ سامبا في عام 1958
بعد عطائه المميز في صفوف نادي بوتافوغو، فتحت له أبواب المنتخب الوطني مصراعيها، وكان احد اللاعبين الذين مثلوا البرازيل في نهائيات كأس العالم عام 1958.
ولعب أول مباراة له كلاعب أساسي، أمام الاتحاد السوفياتي، ثم في الدور نصف النهائي أمام فرنسا، التي اعترف بعدها بزمن طويل اللاعب الفرنسي جان فانسان، بدور غارينشا في منح الفوز لمنتخب بلاده، عندما مرر كرتين حاسمتين إلى فافا، الذي ترجمهما إلى هدفين، من أهداف البرازيل الخمسة مقابل هدفين لفرنسا.
وكذلك كانت الحال في المباراة النهائية أمام أصحاب الأرض (السويد)، التي انتهت بنفس النتيجة، واقر بعدها اللاعب السويدي نيلز ليدهولم بدور غارينشا فيها، حيث قال "خسرنا المباراة النهائية بسببه (غارينشا)، لقد صنع هدفين خارقين".
وبذلك ساهم ملك المراوغات بفعالية في تتويج منتخب بلاده بالتاج العالمي للمرة الأولى.
مواهب غارينشا تنفجر في مونديال تشيلي
وفي مونديال تشيلي 1962، انفجرت مواهب غارينشا، واظهر فعليا فنياته العالية. قبل انطلاق المنافسة، بعث الرئيس البرازيلي آنذاك الديمقراطي جواو غولار برسالة إلى عناصر المنتخب يقول فيها" كأس العالم كبرياؤنا، يجب عليكم المحافظة عليها، ستنسي شعبنا مشاكله".
البداية في هذا المونديال كانت صعبة أمام المكسيك، فبعد انتهاء الشوط الأول بالتعادل السلبي، انتظر البرازيليون الجوهرة السوداء بيليه ليقوم بمجهودين فرديين رائعين، سجل منهما هدفي الفوز.
غير أن بيليه لم يتمكن من مواصلة المنافسة بعد تعرضه لإصابة خطيرة في بداية مباراة منتخب بلاده أمام تشيكوسلوفاكيا التي انتهت بالتعادل السلبي.
وفي المباراة الثالثة أمام اسبانيا، تلقى مرمى البرازيل هدفا أول مباغتا، الزم غارينشا القيام باللازم لإنقاذ فريقه من الإقصاء، ففعلها ومرر كرتين على طبق من ذهب إلى اماريلدو الذي ترجمهما إلى هدفين أهلا المنتخب الذهبي إلى الدور ربع النهائي.
تسجيل الأهداف عن طريق الدخول نحو الوسط
بعد هذه المباراة فهم غارينشا، وبعد غياب بيليه، انه إذا أراد أن يقود اللعب ويسجل أهدافا يجب عليه الدخول أكثر نحو وسط الميدان وعدم البقاء على أقصى الجهة اليمنى التي يفضلها، حيث قال "اكتشفت أن المرمى يظهر اكبر من وسط الميدان منه على الجناح".
في مباراة ربع النهائي وضع الانكليز ثلاثة مدافعين لحراسة غارينشا هم ويلسون وفلاورز والشاب بوبي تشارلتون، إلا أن ثلاثتهم لم يفلحوا في إيقافه، حيث تمكن من تسجيل هدفين من تسديدتين صاروخيتين، وفازت البرازيل (3-1).
وفي مباراة نصف النهائي لقي البلد المضيف تشيلي نفس مصير سابقيه من المنتخبات، حيث استسلم لقانون غارينشا ورفاقه وخسر (2-4)، حيث تمكن غارينشا من تسجيل هدفين من أهداف منتخبه الأربعة.
وفي المباراة النهائية واجهت البرازيل منتخب تشيكوسلوفاكيا، ولعب غارينشا المباراة وهو مصاب "بالإنفلونزا"، إلا انه أربك المدافعين كثيرا، وساهم في فوز منتخب بلاده (3-1)، وبالتالي إهداء كأس العالم إلى الشعب البرازيلي المهووس بالكرة للمرة الثانية على التوالي.
لعنة الإصابات تطارد غارينشا
بعد مونديال تشيلي، بدأت لعنة الإصابات تطارد غارينشا، خاصة وان جسمه المريض وبالأخص ساقيه كانا لا يتحملان الضرب الذي كان يتلقاه بصفة مستمرة، ومن هنا بدأ نجمه في الأفول.
غارينشا الذي كان يملك عقل طفل لا يتجاوز الثامنة من العمر حسب الأطباء النفسانيين، كان لا يعير أهمية للمال، وبدأ يكثر من الخروج إلى الملاهي الليلية، ويغيب عن التدريبات، ثم أدمن الكحول، وانفصل عن زوجته وأولاده الثمانية، وارتمى في حضن عشيقته المغنية الزا سواريز معلنا بذلك بداية نهاية نجوميته.
حاول غارينشا العودة إلى أجواء المنافسة في مونديال انكلترا 1966، إلا أن البرازيل خرجت من الدور ربع النهائي بانهزامها أمام بلغاريا (1-3)، فكانت أول هزيمة لغارينشا في صفوف المنتخب خلال 41 مشاركة في صفوفه، وكانت كذلك آخر ظهور له بالزي الذهبي.
رحيل اللاعب عام 1983
وتواصل بعد ذلك مسلسل الإصابات، ثم الإصابة بمرض صدري، وعملية جراحية على الركبة، لينتهي الطفل العملاق في براثين الكحول والبؤس، قبل أن يغادر هذا العالم نهائيا عام 1983 في احد مستشفيات ريو دي جانيرو، ووضع جثمانه في وسط ملعب ماراكانا الشهير، حيث بكى الجمهور البرازيلي بيكاسو كرة القدم كثيرا، متأسفين طبعا للنهاية التعيسة لهذا البطل الذي افرح ملايين البشر.
- بطاقة:
الاسم: مانويل فرنشيسكو دوس سانتوس الملقب بغارينشا
ولد في 28 تشرين الأول/اكتوبر1933
توفي في 20 كانون الثاني/يناير1983
الأندية التي لعب لها: بوتافوغو وكورينثيانس
41 مشاركة دولية
السجل:
1957: بطل ريو دي جانيرو
1958: بطل العالم
1961: بطل ريو دي جانيرو
1962: بطل العالم
بطل ريو دي جانيرو
بطل دورة ساو باولو
أساطير المونديال: فافا.. حالة نادرة من التألق
كرة القدم - كأس العالم 2010
اللاعب البرازيلي خلال الستينات يدون اسمه بحروف من ذهب في تاريخ المونديال رغم مشاركاته القليلة من منتخب بلاده.
رغم مرور 40 عاما على أول تتويج له بكأس العالم برفقة منتخب البرازيل، لا زال اسم فافا مدونا بأحرف ذهبية في اللائحة الشرفية لكؤوس العالم برفقة مواطنه الأسطورة بيليه بفوزهما مرتين باللقب العالمي، كما أنهما إلى جانب الألماني بول برايتنر الوحيدان اللذان سجلا هدفا على الأقل في مباراتين نهائيتين مختلفتين.
وسجل فافا أربعة أهداف في مونديال تشيلي 1962 وصار احد اللاعبين النادرين الذين توجوا مرتين بالكأس العالمية وسجلوا في نهائيين مختلفين.
ورغم المباريات الدولية القليلة التي لعبها (19 مباراة)، حقق فافا مع منتخب البرازيل مشوارا لامعا وشارك مرتين مع المنتخب الذهبي في نهائيات كأس العالم، فسجل في الأولى خمسة أهداف وساهم بقوة في نيل منتخب بلاده اللقب وفي الثانية أربعة أهداف وتوج هدافا للمونديال ونالت البرازيل اللقب للمرة الثانية على التوالي.
بصمات واضحة
وترك فافا بصماته واضحة في أول مشاركة له في كاس العالم، التي كانت في البرازيل عام 1958، وقاد منتخب بلاده في مباراة الاتحاد السوفيتي سابقا وسجل هدفين منح بهما الفوز للبرازيل، وعاد في مباراة الدور نصف النهائي أمام فرنسا وسجل هدفا من أهداف منتخب بلاده الخمسة مقابل هدفين.
ولم يتوقف عطاء فافا في هذا المونديال عند هذا الحد فكان احد نجوم المباراة النهائية أمام السويد التي تقدمت في البداية بهدف، غير أن فافا أدرك التعادل للبرازيل ثم أضاف هدفا ثانيا وسجل ماريو زاغالو هدفا واكتشاف هذا المونديال الجوهرة السوداء بيليه الذي كان يبلغ من العمر 17 عاما هدفين بدوره وفازت البرازيل (5-2)، وتوجت بالتالي بالكأس للمرة الأولى.
وشارك فافا بعد أربع سنوات في مونديال تشيلي 1962، وكان احد اللاعبين الأساسيين لتشكيلة المدرب ايموري موريرا التي كانت تسعى لتأكيد أحقيتها باللقب في النسخة السابقة.
الإنكليز بوابة التألق
وعجز فافا في البداية عن الوصول إلى المرمى، وانتظر حتى مباراة الدور ربع النهائي أمام انكلترا بقيادة نجومها بوبي تشارلتون وبوبي مور وغيرهما، وسجل غارينشا هدف السباق لأبطال العالم قبل أن يدرك الانكليز التعادل بواسطة هاتشينز، غير أن فافا أعاد التقدم إلى منتخب بلاده بتسجيله أول هدف له في هذا المونديال والثاني للبرازيل التي أنهت المباراة بفوزها (3-1) بعد أن أضاف غارينشا هدفا ثالثا.
وتمكن فافا مباراة الدور نصف النهائي أمام تشيلي من تسجيل هدفين ساهم بهما في منح الفوز لمنتخب بلاده (4-2) وبلوغ المباراة النهائية للمرة الثانية على التوالي.
ولعبت البرازيل النهائي أمام تشيكوسلوفاكيا التي كانت السباقة إلى التسجيل بواسطة مازوبوست غير أن اماريلدو أدرك التعادل للبرازيل ثم أضاف زيتو هدفا ثانيا، قبل أن يسجل فافا هدف الاطمئنان الثالث لمنتخب بلاده والرابع له في هذا المونديال، فتوجت البرازيل بالكأس للمرة الثانية على التوالي وصار فافا احد اللاعبين القلائل الذين يفوزون بالكأس مرتين متتاليتين بل ويسجل في نهائيين لبطولتين مختلفتين.
وبين مونديالي 1958 في البرازيل و 1962 في تشيلي لعب فافا في اسبانيا في صفوف اتلتيكو مدريد حيث فاز معه مرتين متتاليتين بالكأس المحلية (1960 و1961)، وعند عودته إلى البرازيل لعب في بالميراس احد اكبر أندية ولاية ساو باولو ثم انتقل إلى اميركا المكسيكي ومنه إلى سان دييغو الاميركي خلال الموسم 1965-1966.
وكانت بداية فافا في ريسيفي البرازيل كلاعب وسط لفترة قصيرة انتقل بعدها إلى فاسكو دا غاما الشهير ونال معه لقب بطولة ريو دي جانيرو عامي 1956 و1958.
والتحق فافا بالمنتخب الاولمبي وهو في الثامنة عشرة وشارك في اولمبياد هلسنكي 52، غير أن المنتخب الذهبي لم يتمكن من الصعود إلى منصة التتويج، وانتظر حتى العام 1958 ليحمل ألوان المنتخب الأول في نهائيات كأس العالم في السويد.
وبعد مشوار لامع وسجل زاخر بالانتصارات رحل فافا عن هذا العالم في 19 كانون الثاني/يناير 2002 عن عمر يناهز الثامنة والستين.